الـعـلاقـات الـتجـاريـة بـيـن مـنـطـقـتي الخليج والصين فـي العصـر الـعـباسـي (132 هـ / 749 مـ – 846 هـ / 1258 مـ)

  • يرجع سبب ارتباط الصين بمنطقة الخليج العربي لأسباب كثيرة نذكر منها:
  • موقع الخليج العربي الجغرافي الممتاز الذي توسط قلب قارات العالم القديم.
  • القوة الاقتصادية والقدرة الشرائية للخلافة العباسية.
  • التطور الكبير في المنتجات الصينية حيث كانت تذكر المصادر الإسلامية المتقدمة أن أهل الصين أحذق أهل الأرض.
  • الحاجات المتبادلة في السلع ما بين المنطقتين.

 

  • كانت العلاقات التجارية ما بين الصين والخليج تمتد عبر شريانين:
  • أولا: الطريق البري الذي يبدأ من بغداد ثم يتجه شرقا ويمر بعدة مناطق مثل الري ونيسابور وبخارى حتى كاشغر التي تعد أول حدود بلاد الصين الغربية، وهناك طريق بري آخر يمر بهضبة التبت إلا أنه كان وعراً ولم يسلكه إلا تجار المسك.
  • يحمل هذا الطريق بعض المميزات إلا أنه تكتنفه بعض العيوب.
  • ثانياً: الطريق البحري حيث كانت البصرة المحطة الأولى فيه ومنها تنطلق إلى سيراف التي ترسو فيها سفن الصين وغيرها من المراكب الكبيرة ثم تبحر السفن نحو عمان ثم ميناء صحار الذي تتفرع منه السفن في طريقان طريق نحو كولم ملي في جنوب الساحل الغربي للهند وطريق يتجه بحذاء الساحل مرورا بالمراكز التجارية في بلاد السند والديبل حتى تصل إلى كولم ملي.
  • ويتفرع الطريق من كولم ملي إلى الصين في اتجاهين، الأول يواصل المرور بالمراكز التجارية بالهند والثاني يتجه مباشرة إلى بحر هركند ثم كله بار وفيها يجتمع الطريقان ومن ثم تتجه السفن نحو الصين لمحطتها الأخيرة في ميناء الصين العظيم كانتون.

ارتبطت منطقة الخليج العربي بعلاقات تجارية ممتازة مع الصين من خلال ميناء كانتون الذي يعد بوابة التجارة الصينية لسفن الخليج.

صادرات بلاد الصين

  • بعد بناء الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور عاصمته الجديد بغداد والتي أطلق عليها اسم مدينة السلام قال هذي هي الصين ليس بيني وبينها سوى هذا البحر.
  • تعددت الصادرات مثل البهارات والحرير والأعشاب الطبية والأحجار الكريمة والأواني والخزف الصيني ويعلق ابن الفقية على سلع الصين بقولة إن ما يحمل إلى العراق من سلع الصين هو أجود ما يكون من السلع.

– اكتشف حديثا حطام سفينة يرجع للقرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي في إحدى جزر إندونيسيا ومثل هذا الاكتشاف.

  • شاهدا عبر بنا الزمن إلى تلك الفترة وكشف لنا مدى التنوع في حجم الصادرات الصينية وطرق حملها في السفينة.

تنقسم السفن التجارية إلى نوعان

  • السفن التجارية المخيطة والتي كانت تستخدم في منطقة المحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر.
  • السفن التجارية المستمرة والتي كانت تستخدم في البحر الأبيض المتوسط.

اثنان من أخشاب سقف السفينة تبدو فيهما ثقوب الخياطة واضحة.

  • – لوح من هيكل السفينة غير متآكل، ويبدو بحالة سليمة، وتبدو فيه أماكن الخياطة التي وجد فيها بعض الدهن الذي كان يستخدم لسد الثقوب.

  • صورة لعارضة السفينة . تقع العارضةفي الجزء السفلي من البدن، وتمتد بطول السفينة بالكامل .

– صورة توضح مرساة السفينة التي تتكون من الحديد والخشب وكانت منصوبة في قاع البحر.

– صورة توضح إحدى الجرار التي وجد بداخلها بعض الأعشاب.

– صورة توضح العديد من الأواني ذات التزجيج الزيتوني ( القريب من اللون الأصفر ) وكانت مكدسة في مخزن السفينة السفلي.

صورة توضح بعض الجرار الصغيرة الحجم المحفوظة بشكل جيد على هيئة صفوف.

– صورة جرة كبيرة الحجم وجد بداخلها العديد من الأواني الصغيرة الحجم.

– صورة توضح تكدس سبائك الرصاص على أخشاب سقف السفينة.

– صورة توضح تكدس العديد من الأواني في مؤخرة السفينة بشكل طولي في الجزء الأسفل من الحمولة.

– جرار مزججة باللون الأخضر كانت في مؤخرة السفينة على قطعتين من الخشب.

– صورة توضح العديد من الأواني التي شكلت نسبة كبيرة من حمولة السفينة، وكانت هذه الأواني تتميز بكونها ملونة ويرجع تاريخ صناعتها لعهد أسرة تانج.

  • صادرات منطقة الخليج للصين:
  • من حكمة الله أن جعل الشعوب مكملة لبعضها البعض وجعلها في حاجة بعضها على الدوام وهذا كان أساس العملية التجارية حيث كانت تصدر منطقة الخليج الزنك (الخارصين) الذي يدخل في تصنيع الآلات الحربية وكذلك بعض المنسوجات وخصوصا الكتانية والرصاص الذي يدخل في الصناعات الدوائية والتمور والبلوط وهو نوع من الثمار واللؤلؤ وغيرها من السلع.
  • أثر الثورات على العلاقات التجارية بين منطقة الخليج والصين:
  • أولاً / ثورة هوانغ تشاو الذي تسميه المصادر العربية باسم يانشو والتي بدأت في مدينتي شان تونغ وهونان عام 260هـ / 874 م بسبب الجفاف الذي أدى إلى انخفاض محصول الحنطة إلى النصف والإضرار بباقي المحاصيل الزراعة مما أدى إلى إلحاق خسائر مالية كبيرة للفلاحين مع مطالبة الدولة لهم بدفع الضرائب الأمر الذي انتهى بقيام الثورة على يد وانغ هسين جيه إلا أنه قتل وأكمل الثورة من بعده يانشو.
  • كبر حجم الثورة حتى وصل إلى مناطق كثيرة وبدأت الثورة في التخبط بشكل كبير لانضمام الكثير من المجرمين والناقمين على الدولة لها حتى وصلت إلى ميناء كانتون.
  • هاجم الثوار ميناء كانتون عام 264 هـ / 877 م ونهبوا العديد من السلع وقتلوا العديد من التجار الصينيين والأجانب.
  • أدت تلك الثورة التي أصابت الصين وميناء كانتون على وجه الخصوص إلى عزوف التجار من الإبحار للصين إلا أن العلاقة مع الصين استمرت ولكن بشكل غير مباشر من خلال منطقة كله بار، إلا أن الصين فقدة الكثير من الامتيازات التي كانت تحققها سابقاً.
  • كذلك انقطع تصدير الحرير لفترة من الزمن بسبب قيام الثوار بقطع أشجار التوت وهي التي كانت دودة الغز تتغذى عليها ومن ثم تنتج خيوط الحرير.

 

  • ثانيا / الثورات والأحداث السياسية التي حدثت في منطقة الخليج ومنها ثورة الزنج عام 255هـ / 868 م في البصرة والتي استمرت حتى عام 270 هـ / 883 م بقيادة علي بن محمد الذي عرف بصاحب الزنج وكان لثورته دور كبير في تعرض البصرة ومينائها للتدمير والسلب مما انعكس بشكل سلبي على تجارة العراق.
  • ثورة القرامطة التي جاءت بعد أن تمكنت الخلافة العباسية من قتل صاحب الزنج وإنهاء ثورته حيث شكل القرامطة خطرا في بعض الفترات على مناطق العراق مثل البصرة الأمر الذي أدى إلى توقف التجارة فيها وتعد البصرة شريان تجارة العراق.