لــم تكــن الصيــن والأراضي الإسلاميــة مرتبطــة بالتجــارة فحســب،
بــل تجلبـّت علاقتهمــا عبــر شــبكة مرنــة مــن الطقــوس والتكنولوجيــا
والفنـون والخيـال. يهـدف المعـرض إلـى كشـف هـذه السرديـة مـن
خلال قطـع تـم تبادلهـا، وتقليدهـا، وإعـادة تفسـيرها، ثـم دمجهـا فـي
أفــكار ثقافيــة ومناظــر طبيعيــة جديــدة.
يُفتتــح المعــرض بمقتنيــات جنائزيــة، وذلــك انطلاقًــا مــن الدافــع
الإنســاني المشــترك المهتــم بالحمايــة والتخليــد والتذكــر. تشــمل
هـذه المقتنيـات أوانـي طقـوس برونزيـة، وتمائـم منقوشـة، ومرايـا،
وتعويـذات. يهـدف اختيـار هـذه المقتنيـات إلـى الكشـف عـن قـدرة
كل تقليــد علــى حــدة بتطويــر لغــة فعليــة لحمايــة الــروح. تعكــس
هـذه المقتنيـات إيمانًـًا بقـوة الشـكل والكلمـة والرمـز كوسـيط بيـن
الحيــاة والآخــرة.
مـن هنـاك، ينتقـل السرد إلـى ورش وأفـران الصيـن والعـراق وإيـران
وآســيا الوســطى، حيــث اســتجاب الحرفيــون للإلهــام الأجنبــي
ببراعـة تكنولوجيـة وتكيـف إبداعـي. أحـدث وصـول الفخـار الصينـي
ثلاثــي الألــوان (سانســاي) والخــزف الإسلامــي المزجــج، إلــى جانــب
إدخـال صبغـة الكوبالـت مـن بلاد فـارس، ثـورة فـي صناعـة الخـزف
الصينـي، وأصبـح الخـزف الأزرق والأبيـض ذوقًـ ًا عالميًـ ًا مكتسـبًا، ثـم
تبنبتــه إزنيــق العثمانيــة وأصفهــان الصفويــة وأوروبــا.
يُختتـم المعـرض بقصـة ٍ عـن الاهتمـام المشـترك باليشـم، بالإضافـة
إلــى العديــد مــن الروايــات الإنســانية التــي أثبـّرت هــذا التبــادل:
الجغرافيــون والمبعوثــون والشــعراء والرحالــة – مثــل ابــن بطوطــة
تُُبيــن المخطوطــات المصــورة والأعمــال الفنيــة المشــتركة لقــاءاتٍ والمســعودي وتشــنغ خــه – الذيــن وثبقــوا وتخيلــوا وفسبروا الآخــر.
حقيقيــة، كمــا تُُصــوبر أيضًــا رؤى رومانســية، حيــث يتجــاوز التجــار
المسـلمون الذيـن سـافروا إلـى الصيـن وأقامـوا فيهـا أشـكالًًا محليـةً الأجانــب والملــوك الأســطوريون الحــدود الثقافيــة والسرديــة. طــوبر
مــن الفــن والخــط والتعبيــر عــن الإيمــان والهويــة.
تدعـو قطـع هـذا المعـرض الـزوار إلـى إعـادة النظـر فـي الحـدود –
فهــي ليســت حواجــز فقــط، بــل هــي مناطــق مرنــة للتبــادل، حيــث
كانــت المــواد والمعتقــدات واللغــات الفنيــة تُُناقــش باســتمرار.
وبذلــك، تكشــف عــن تاريــخ طويــل ومعقــد مــن التأثيــر المتبــادل،
متجــذر فــي الفضــول المشــترك والإعجــاب بالجمــال والرغبــة
الإنســانية الدائمــة فــي التواصــل عبــر العالــم.